سلمان ناطور حضر بابداعه الأدبي وحضرت معه الذاكرة الفلسطينية وروى ما تيسر منها
يستمر المركز الجماهيري بالنهوض بالمشهد الأدبي والفني المحلي من خلال تنظيم الورشات والأمسيات الثقافية والأدبية والفنية حيث أستضافت وحدة الوالدية والأسرة بالمركز الجماهيري – بلدية أم الفحم يوم الإثنين من هذا الأسبوع أمسية أدبية ثقافية تحت عنوان “الذاكرة، المكان والثقافة” مع الأديب الفلسطيني الكبير سلمان ناطور وسط مشاركة واسعة لشخصيات أدبية وسياسية وأكاديمية من أبناء المنطقة، بالإضافة لمجموعات نسائية وطلابية فاعلة ضمن برامج وحدة الوالدية والأسرة حيث إستقبلهم طاقم المركز الجماهيري على رأسهم السيد محمد صالح إغبارية – مدير المركز الجماهيري ونائب رئيس البلدية الأستاذ بلال ظاهر.
الكاتب الفلسطيني المعروف سلمان ناطور أبن دالية الكرمل، والذي يشهد له بتخليد الذاكرة الفلسطينية من خلال كتب بدأها بكتاب و”ما نسينا” ثم “خمارة البلد” وسفر على سفر والتي تشكل ثلاثيته ، “ستون عاما/ رحلة الصحراء” الصادرة عام 2009 عن دار الشروق للنشر والتوزيع في عمان ورام الله بمناسبة بلوغ الكاتب عامه الستين.
قدمت الكاتب االدكتورة عايدة نصرالله والتي شددت على أهمية دور الكاتب في تدوين الذاكرة الفلسطينية الشفوية وصياغتها صياغة ممزوجة ما بين “الحكي” الذي يأتي على لسان شخصيات سلمان ناطور وما بين اللغة الفصحى وحتى العبارات الشعرية وقتما يقتضي الأمر. وقد فضلت الكاتبة ان يكون التقديم بنفس الشكل الحميمي الذي يكتب به الكاتب ذاكرته. هذه الذاكرة الماضية تُستدعى عن طريق التخيل لتصقل من جديد، وإن لم تشبه الواقع. وفي هذا ، إذ كما قالت معتمدة على مقولة المفكر بييرنورا: “يتمثل الهدف الأكبر لمكان في الذاكرة في وقف عجلة الزمن، لسد الطريق على وظيفة النسيان، ولخلق نظام من الأشياء، ولتخليد الموت، وتحويل الأشياء غير المادية إلى أشياء مادية ملموسة، يحدث ذلك كله للقبض على قليل من العلامات، ومن الواضح أيضا أن أماكن في الذاكرة تُخلق بسبب استعدادها القوي للتشويه والاندثار، وإمكانية التلاعب بمعانيها إلى ما لانهاية، وبفضل التفرعات غير المتوقعة لتوالدها” (Nora,1989, p. 7)
وبنفس الروح سار سلمان ناطور مسيرته في لملمة ما بقي وما اندثر من جمع المعلومات والذاكرة الشفوية لمن عاصروا النكبة، قبلها وبعدها.
ذاكرة موت وذاكرة حياة
ثم جاء دور الكاتب سلمان ناطور فتكلم عن سيرورة امتدت أكثر من ثلاثين عاما في جمع حكايات الفلسطينين الذين هجروا بالقوة من بيوتهم، وما زالوا يحملون مفاتيح بيوتهم حتى الآن أملا في العودة. وقال بألم : لقد رفض جيل النكبة الحديث عن معاناته، اولا خوفا مما تركه الحكم العسكري من قمع وارهاب في نفوسهم، وثانيا: لانه جرح عميق جدا – كما وصفوه- ولا يرغبون بفتح هذا الجرح من جديد وثالثا لأنهم شعروا بالذنب أمام سؤال أبنائهم: لماذا هربتم من بيوتكم وقراكم؟. وعقب ناطور على ذلك بقوله: هذا ما جعلني أكرس اكثر من ثلاثين عاما لتحرير هذا الجيل من هذا الاحساس لان الحركة الصهيونية وضعت أمامهم خيارين فقط: الخروج او الموت وهم اختاروا الخروج احياء، البقاء على قيد الحياة وليس الموت واغتصاب نسائهم – كما حدث في دير ياسين والطنطورة والرملة والصفصاف. انه جيل من الابطال الذين لولاهم لما كنا نحن على قيد الحياة.
وأضاف سلمان ناطور الذي شد الحضور للاستماع إلى أقواله بتأثر واصغاء بالغين: الحكايات الفلسطينية تقدم كل التفاصيل عن هذه القضية العادلة وعلينا أن نحكيها للعالم كما هي، وأما الحكاية التي تلخصها بالنسبة لي، فهي حكاية عبد الحسن، البطل الذي قض مضاجع الانجليز ولم ينتصروا عليه إلا بعد ان أحضرت له امه الخبز ليأكل والماء ليشرب. وعقب ناطور عليها بقوله: القضية الفسطينية هي صراع بين أم مارست الامومة لدرجة الجنون وبين جنرال يمارس الجريمة لدرجة الجنون.
كما تحدث عن فلسطين قبل النكبة وازدهارها الثقافي وتذكر شعراءها وكتابها وتحدث عن بيت أبي سلمى في حيفا وما يسميه: ذاكرة الحياة. حياة الانسان الفلسطيني الذي يحب الحياة، غلى جانب ذاكرة الموت والتشرد واللجوء معربا عن تفاؤله من أن شعبا يملك إرادة الحياة ويحتفظ بمفاتيح بيوته ويعشق وطنه كما نعشقه نحن وله قضية أخلاقية عادلة فلا بد أن ينتصر وان يحقق أحلامه وطموحه وحقوقه.
وفي ختام الأمسية قدمت جوقة المركز الجماهيري أنشودتين معبرتين بصوت الفنانة الفحماوية جنى علي محاميد – سوبر ستار الوسط العربي لسنة 2015 والفنان محمود طاهر محاميد – صاحب لقب أجمل صوت في مسابقة سوبر ستار، وفي لفتة جميلة قامت المربية شدوان شيبان – مركزة التربية الإجتماعية في المدرسة الثانوية سخنين للبنات بتكريم عضوي الجوقة المذكورين ومدربهم الفنان نزار الشايب جبارين بباقة من الورود تقديراً للإنجاز الفني الذي حققوه، كما وقدمت باقة من الورود لمركزة مجال الوالدية والأسرة بالمركز الجماهيري أندلس محمد إغبارية على ما تقدمه من برامج لجمهور الأمهات والطالبات.