حديث الرواية الفلسطينية – فلسطين عبر العصور

عن المجموعة: كامل رزق إغبارية

نبدأ في هذه المقالة بإقتباس من رسالة إيل الى إبنته عنات:
“الحرب ضد إرادتي، إزرعي في الأرض بذور السلام وأكثري من بذور الحب في قلب الحقول”

بعد ان عرفنا عن دخول المجموعات التي وطأت وإستقرت بأرض كنعان وفق ما يرويه المؤرخون كالعموريين والكنعانيين واليبوسيين والفنيقيين وهؤلاء جميعهم بطون عربية خرجوا من الجزيرة العربية وبأن سواد أهل فلسطين الحاليين وخاصة القرويين هم من نسل القبائل والشعوب القديمة ومن العرب المسلمين الذين استقروا إثر الفتح الإسلامي.
ولكن رامسيس الثالث ( 1550 الى 2000 قبل الميلاد) وقعت أرض كنعان لحكم الهيكسوس من عام 1800 الى عام 1600 قبل الميلاد وفي رأي العارفين وعلماء الأثار ظهر في هذا العصر حوالي العام 1900 قبل الميلاد سيدنا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ومعه ابن أخيه لوط الى فلسطين وعلى هذه الأرض ولد إسماعيل واسحاق ويعقوب ومع تراجع حكم الهيكسوس ودخول فلسطين تحت سيطرة الحكم المصري استقبلت ارض كنعان مجموعات مهاجرى جديدة ابرزها هجرات شعوب البحر التي يميل المؤرخون الى الاعتقاد انهم اتو من جزر بحر ايجا (كريت وغيرها) وقد هاجمت هذه الشعوب في البداية سواحل الشام ومصر .لكن رامسيس الثالث فرعون مصر صدها عن بلادة في معركة بلوز بون قرب مدينه بور سعيد وانضحرت الى الجزء الجنوبي من فلسطين وورد في النقوش الاثرية اسمها (بليست) ومنها جائت تسميتهم ابلسطيون ثم زيدت النون الى اسمهم فاصبحوا فلسطينيين واقاموا خمس ممالك هي مدن غزة واشدود وجت وعكرون وعسقلان, والأرجح وفق رواة التاريخ انها مدن كنعانية انما وسعوها ونظموها ثم انشاوا مدينتين هما اللد وصقلع, واستولوا على بقيه مدن الساحل حتى جبل الكرمل كما استولوا على مرج بن عامر وسرعان ما اندمج الفلسطينييون مع الكنعانيين واستعملوا لغتهم وعبدوا الهتهم (مثل بعل وعشتار) ورغم ان الفلسطنيوون الأوائل اندمجوا مع السكان الأصليين الأوائل الا وهم الكنعانيون الا انهم أعطوا هذه الأرض اسمهم فاصبحت تعرف بفلسطين وبناء عليه نوجز ما يلي:
1-عرفت ارض فلسطين بارض كنعان حوالي العام 2500 سنه قبل الميلاد.
2- وفي عام 2100 تعرضت كنعان لغزو القبائل الكريتيه التي سكنت شواطئها بين يافا وغزة وقسمتها قسمين تلك المنطقة بإسم فلسطين ثم أصبح هذا الاسم لكل فلسطين وبحكم موقعها تعرضت لحروب طاحنة وغزوات وهجرات متتالية لكن الغزاة ظلوا عابرون من أرض معتبرة الا من استقر واندمج مع السكان وصار منهم.
3-خرج العبرانيون من قوم موسى من مصر متجهين الى الشرق بقيادة النبي موسى واخيه هارون في عام 1290 قبل الميلاد وتوقفت قافلتهم في صحراء سيناء، فيما هو معروف فترة التيه لأربعين عاماً في الصحراء، وفي عام 1000 سنه قبل الميلاد اخضع النبي داوود عليه السلام اثر دخولهم الى الأرض المقدسة عبر نهر الأردن بقيادة النبي ياشوع اخضعوا اليبوسيين في منطقه القدس وجعلوا اورشليم عاصمة لمملكة إسرائيل.
وبعد وفاة النبي سليمان عام 935 قبل الميلاد انقسمت المملكة الى مملكة يهودا ومملكة إسرائيل وفي القرن السادس قبل الميلاد تعرضت فلسطيين لغزوات الاشوريين والكلدانيين وتبعثر اليهود على اثرها وفي عام 529 قبل الميلاد غزا الفرس فلسطين والحقوها بدولتهم وفي عهد الفرس عادت قبيلة يهودا مع بقايا الاسر اليهودية الى القدس واعادت بناء الهيكل من جديد من هم الكنعانيون؟
سمع ويسمع الكثيرون من محبي التاريخ القديم احباء فلسطين عن الكنعانيين والمتوارد عن اخبارهم لا يقدم معلومة شافية ولعل الحفريات في هذه الديار والمؤرخون القلائل الذين اهتمو بتاريخ الكنعانيين منهم الدكتور خزعل الماجدي والدكتورة بيتن نويهض ابنة مدينة القدس. وسأحاول القفز على كثير من التاريخ الزاخر بالحكايات التراثية والنشأة لأقتبس بعض ما يمكن ان يكمل الصورة من التاريخ الكنعاني.
المؤلف خزعل الماجدي استعرض الأسماء القديمة والمحتملة في تراث الحضارات الأخرى التي عاصرت او تلت حقبة الكنعانيين، الاسم الاكدي :ربما كان هذا الإسم كناجي او كناحوتي الذي اطلقة البابلييون عليهم والذي ظهر في رسائل تل العمارني بصعيد مصر الذي يعني اللون الأحمر الارجواني .
اما المصريون فاستعملوا كلمة فانخو للدلالة على شعب من شعوب الشام ويقال أيضا بان الاغريق استعملوا هذا اللفظ وحوروه الى فوفكس للدلالة على فينيقيا (الفينيقيين) وأما اللغة الكنعانية فقد ثبت انتشارها من بدايات الاف الثاني قبل الميلاد وذلك من خلال المكتشفات المصرية.
ويذهب مؤرخون اخرون ابعد من ذلك فيقولون بوجود الكنعانيين ما قبل 7000 سنه قبل الميلاد وذلك من تتبعهم لمدنهم القديمة واقدمها مدينة أريحا الباقية حتى اليوم وتعتبر اقدم مدينة في العالم.
وإن ترجحت تقديرات البداية الزمنية لوجود الكنعانيين فمما لا خلاف فيه انهم كانوا أول من سكن المنطقة من الشعوب المعروفة تاريخيا وأول من بنى على أرض فلسطين حضارة كما ورد أيضا في الكتابات العبرية ان الكنعانيين هم سكان البلاد الاصليون كما ذكر في التوراة أيضاً وأنهم هم الشعب الاموري. وان الاموريين هم الكنعانيين كما اقر ذلك المؤرخ انيس فريحه ويذكرنا هذا التشابه بتاريخ الكنعانيين بان الشعبان شعب واحد في الأساس لغة وديناً وحضارة ولكنهما كانا قبائل لم تجمعهما رابطة سياسية الا في الأوقات العصيبة لدرء الخطر عنهما من الاقوام والقبائل الغازية ووفق التوراة تمتد كنعان من (راس شمرا حتى غزة) وعثرعلى قطعة نقود اثرية كتب عليها اللاذقية في كنعان.
كانت لغة الكنعانيين اقرب ما تكون الى اللغة السامية الام أي اللغة العربية البائدة وذلك وفقا للعديد من المتضلعين من اللغات السامية وعثرت على الكثير من الكلمات المتشابهة باللغة العربية ومنها كلمات متتطابقة، مثل: جبل، لون، ام، بيت، ارض، راس، يد وغيره… أما عن الحكم في كنعان فلم يكن موحدا فكانت البلاد تتألف من دول مدنية تتقاتل فيما بينها الا عند مجابهة الخطر الخارجي كانت تتحد وتحارب إلى جانب بعضها.
واشتهر الكنعانيون ببناء القلاع والاسوار لحماية انفسهم وقد ارهبت قلاع اريحا الجواسيس والعيون الذي ارسلهم موسى لاستكشاف ارض فلسطين وإشتهر أيضاً ببناء الصهاريج فوق البيوت والانفاق الطويلة تحت الأرض لايصال المياه الى داخل القلاع ومن أهم هذه الانفاق نفق مدينة جازر التي كانت تقع على بعد 3 كيلو متر من القدس وكذلك نفق لمدينة القدس نفسها حفرة اليبوسيين وهم فرع من القبائل الكنعانية وجائوا بالمياه الى حصن يبوس من نبع جحيحون.
استعمل الكنعانييون في الحرب الحصان والمركبة الحربية وكذلك اسلحة الحديد كما استعملوا القوس والنشاب والخنجر القصير والسكين المعقوف وعلى الرغم كونهم أول من أدخل فن التعدين مما ساعدهم في ىصناعة الاسلحة على أنواعها من البرونز والحديد وحتى الفولاذ ,الا أنهم لم يشتهروا بانهم شعب مسالم, اكثر من شعب يحكمه عقلية القوة كانوا مدافعين عن أنفسهم ولم يكونوا مهاجمين, وهذا ما جعل العديد من الأمم المجاورة تتغلب عليهم من مصر وبابل وبلا الحثيين وكانوا دائما يفضلون دفع الضرائب والجزية والتدخلات الخارجية وويلات الحروب ومن اقدم المدن الكنعانية حتى اليوم هي مدينة أريحا، اشدود، غزة المجدل، يافا، القدس ونابلس التي كانت العاصمة لكنعان وفي ختام هذا الفصل لا بد من الاشارة إلى أنهم كانوا أيضا ماهرون في الغناء والتراتيل الدينية، كما انهم لهم أساطير وقصص تنفرد فيها الميتولوجيا الكنعانية. مثلاً: أن موضوع الهبوط من الفردوس الى الأرض له دلالات كنعانية مستقلة، حيث يعتقد انه هبط على جبل حرمون الكنعانى (جبل الشيخ حالياً) وأن ولديه هابيل وقابيل اقاما طويلا في سهل البقاع ويستدل المعتقدات الشعبية ان هناك قبوراً لقابيل وهابيل هناك.
وللحديث بقيه في المقالات القادمة.

الاتاحة נגישות