الجماهيري بام الفحم يحيى أمسية ادبية تكريمية للروائي والقاص محمد علي طه تحت عنوان: “القصة والراية عند محمد علي طه”

إنطلقت مساء يوم أمس الخميس أمسية أدبية بمركز العلوم والفنون أقامها المركز الجماهيري – أم الفحم وبالتعاون مع مجمع اللغة العربية بهدف تكريم الأديب، الروائي والقاص محمد علي طه، وذلك تحت إشراف مجموعة “قمم وهمم” التابعة لقسم الوالدية والأسرة بالمركز الجماهيري. وتحت رعاية رئيس بلدية ام الفحم – الشيخ خالد حمدان وسط  حضور المئات من المثقفين وأساتذة الجامعات رؤساء جمعيات ومحاضرين جامعيين ومعلمين ومدراء مدارس ونخب محلية. وقد افتتحت الأمسية بتلاوة عطرة للقرآن الكريم تلاها على مسامع الحضور الشيخ يوسف إغبارية لتنطلق بعدها فقرات هذه الأمسية الغنية بالمضامين الأدبية الراقية، حيث إعتلت عريفة الحفل ناريمان إغبارية – عضوة في مجموعة قمم وهمم وطالبة اللغة العربية في جامعة حيفا التي أفتتحت الحفل بتحية لجموع الحضور اللذين لبوا النداء وحضروا لتكريم أديب وروائي متميز ومبدع وأثنت على هذا الإهتمام بالأدب العربي وبالأدباء العرب، ثم قامت عريفة الحفل بإستدعاء كل من الشيخ خالد حمدان – رئيس بلدية أم الفحم والسيد محمد صالح إغبارية – مدير المركز الجماهيري والطالبة رويدا محاميد – مندوبة مجموعة قمم وهمم ليقوموا بإستدعاء السادة المدعويين لتقديم فقرات التكريم لهذه الأمسية. حيث دعي للمنصة كل من :

بروفيسور فاروق مواسي، د. نادر مصاروة، د. راوية بربارة، د. رياض كامل. د. محمد حمد، الفنان محمد بكري، والمحتفى به محمد علي طه. حيث تم استقبالهم بباقات الورود.

وفي بداية الامسية قام كل من الشيخ خالد حمدان – رئيس بلدية أم الفحم والسيد محمد صالح إغبارية – مدير المركز الجماهيري بتقديم درع تكريمي للأديب والروائي محمد علي طه وذلك تقديراً لمسيرته الادبية الطيبة، كما وتم  تقديم درع تكريمي بإسم بلدية أم الفحم \ المركز الجماهيري لمجمع اللغة العربية على دوره في المساهمة في النهضة الأدبية ورعايته للأدباء العرب بالبلاد، قام بإستلام هذا الدرع الأستاذ يونس عبد الله المركز الميداني في مجمع اللغة العربية.

وقد تخلل الاحتفال كلمة لرئيس بلدية ام الفحم الشيخ خالد حمدان والذي شكر المركز الجماهيري على هذه اللفتة الطيبة والمميزة من اجل تكريم الروائي محمد علي طه, حيث ثمن الشيخ خالد دور الأدب والأدباء في مسيرة الشعوب وفي مسيرة إرتقاء الأمم والحضارات، بالإضافة لحديثه عن اهمية احياء لغتنا العربية لغة القران الكريم ثمن عاليا الانجازات والأعمال التي قام بها الروائي المحتفى به.

ومن ثم تحدث البروفيسور فاروق مواسي شاعر وناقد ومحاضر , ومن ثم الدكتور نادر مصاروة المحاضر للغة العربية في كلية القاسمي, والدكتورة راوية بربارا المحاضرة في قسم اللغة العربية في جامعة حيفا ومفتشة اللغة العربية للوسط العربي وكاتبة وناقدة, والدكتور رياض كامل الكاتب والناقد والمحاضر في كلية أورانيم ومدير مدير مدرسة مار يوسف الثانوية بالناصرة, والدكتور محمد حمد أستاذ اللغة العربية في كلية القاسمي، كاتب، ناقد وباحث, والدكتوره عبله الفاري مستشارة وزير الثقافة الفليسطيني والتي تعذر عليها الحضور بسبب الأعياد اليهودية, ثم تم تكريم للسيد محمد صالح إغبارية والأستاذ يونس عبد الله جبارين المركز الميداني لمجمع اللغة العربية من قبل رئيس البلدية والحضور، ثم تلى ذلك تكريم المحتفى به وسط عاصفة من التصفيق المتواصل من الجمهور الذي وقف إحتراماً للكاتب. كلمة الكاتب المحتفى به محمد علي طه بالاضافة لمشاركة مميزة للفنان الكبير محمد بكري في مقطع فني مميز.

ثم كانت الكلمة للبروفيسور فاروق مواسي الذي تحدث عن العلاقة التي ربطته مع أبي علي (الأديب المحتفى به) وعن زيارته لقرية كابول وعند الدور الطليعي الذي قام به الكاتب من أجل الحفاظ على الهوية والتراث الفلسطيني وعن تعلقه بالأرض والمكان، ثم جاءت كلمة للدكتور نادر مصاروة – أستاذ اللغة العربية في أكاديمية القاسمي والتي عبر فيها عن حبه وإحترامه الكبير للكاتب وعن مدى العلاقة التي تربطهما معاً والتي بدأت بلقاءات حزبية ونشاطات حزبية وثقافية وإجتماعية والتي إنتهت بالعلاقات المتميزة بينهم. ثم إستعرضت الناقدة الأدبية الدكتورة راوية باربارا بعض من قصص الكاتب بأسلوب جيد ولبق نال إستحسان الجمهور.

أما الكاتب دكتور رياض كامل – الناقد والباحث فقد تحدث عن أدب محمد علي طه وإنتماءه للأرض والشعب حيث تحدث عن الجانب الفلسطيني في شخصية محمد علي طه (الكاتب). أما دكتور محمد حمد فقد تحدث هو الآخر عن الأديب محمد علي الفلسطيني الكاتب، والمهجر، وإبن قرية البروة والذي يعيش الوطن في داخله مستعرضاً حياة الكاتب منذ بداية التهجير القصري وإنتقاله للعيش في قرية كابول وعن المضايقات التي تعرض لها الكاتب في حياته، وإعتقاله وفصله من جهاز التعليم وإنتقاله للعمل في الكلية الأرثدوكسية في حيفا.

أما الفنان محمد بكري فتحدث بأسلوبه المرح عن العلاقة التي تربطه بالكاتب ومدى محبته له.

ثم كانت كلمة للكاتب المحتفى به (محمد علي طه) قال فيها: “أن أم الفحم هي الإسم الحركي لفلسطين والتي شاركت بالثورات والمظاهرات منذ عام 1936، مروراً 1948، 67، 76 (يوم الأرض)، 82 (صبرا وشاتيلا) وسقط العديد من الشهداء من أبناء المدينة. كما وشكر من خلال كلمته الحضور الذي شارك في هذا التكريم وشكر بلدية أم الفحم والمركز الجماهيري ومديره السيد محمد صالح إغبارية، ومجموعة المبادرين لهذا الحفل من مجموعة قمم وهمم ومجمع اللغة العربية ممثلاً بالأستاذ يونس عبد الله جبارين وقال للحضور لقد أثلجتم صدري بحضوركم ولن أنسى هذا اليوم ما حييت، لقد ضربتم مثلاً في القيادة والريادة ثم شكر عريفة الحفل ناريمان إغبارية على أدائها المتفاني”.

وقد تميزت هذه الأمسية بالفقرات الأدبية المميزة وبالكلمات الرائعة وبالحضور النوعي لجمهور من الأدباء، المثقفين وأساتذة الجامعات ومدراء المدارس والمربين حيث  تم إستعراض مسيرة الأديب المحتفى به، وبينت أهمية دوره ودور أعماله الفريدة بالرقي على مستوى الساحة الثقافية في وسطنا  وعالمنا العربي.

وفيما يلي نص الكلمة كاملة للأديب محمد علي طه (المحتفى به):

أم الفحم

–        الشيخ خالد حمدان، رئيس بلدية أم الفحم المحترم

–        النائب عفو اغبارية المحترم

–        برفيسور بشار سعد، رئيس أكاديمية القاسمي المحترم

–        الأساتذة، الأدباء، الشعراء، الكتّاب

–        السيدات والسادة

في البداية اسمحوا لي أن أشكر رئيس بلدية أم الفحم ومدير المركز الجماهيريّ الأستاذ محمد صالح اغبارية، ومجمع اللغة العربية، والصديق الأستاذ يونس جبارين الذي فاجأني بهذا الاحتفال وبهذا التكريم، وأن أشكر الأخت التي تولّت عرافة هذه الأمسية وأن أشكر المتحدثين فيها الشاعر والناقد بروفيسور فاروق مواسي والمحاضر د.نادر مصاروة والأديبة والمحاضرة د.راوية بربارة والناقد والمحاضر د.محمد حمد والصديق العزيز الفنان محمد بكري.

تحملني الذكريات على أجنحتها المعطّرة بعبير الزعتر وأريج الميرمية في هذه الأمسية الجميلة (19 أيلول 2013) إلى زيارتي الأولى لهذه القلعة الوطنيّة الصامدة، أم الفحم، وكنتُ يومئذ كاتباً شاباًّ مبتدئاً قد نشر بعض القصص وبعض المقالات في الصحف، ويحمل في صدره أحلاماً ورديّة، حيث شاركتُ يومئذ مع صديقي سميح القاسم في أمسية أدبيّة، بناءً على دعوة الصديق المناضل المحامي الوطنيّ المرحوم أبي عرفات محمد كيوان في النادي الثقافيّ أو الرياضيّ أو الأهليّ، فلا أذكر اسمه بالضبط، وكانت المواصلات يومئذ صعبة والسيارات نادرة فسهرنا بعد الندوة الأدبيّة مع الشبان ونمنا في بيت أهل محمد، وفي الصباح تناولنا فطورنا، كما أذكر، خبز طابون ساخن وأطباق لحمة مقلية بزيت الزيتون. ومنذ ذلك الصباح أزهر اللوز خمسين مرة على هضاب الروحة وسفوح إسكندر ووادي عارة، وزغردت آلاف النساء في الأعراس وزُفّ آلاف العرسان والعرائس، ووُلد آلاف الأطفال، وسارت في شوارع البلدة مئات المسيرات الوطنيّة، وتمترس على بوابتها عشرات المظاهرات تتصدّى للعنصريّة والفاشيّة، وقدّمت أم الفحم عدداً من الشهداء الخالدين على مذبح الحريّة، وتوطّدت علاقات الصداقة بيني وبين مجموعة متميّزة من الشخصيّات الوطنيّة والاجتماعيّة والثقافيّة، لن أذكر أسماءهم مخافة أن أنسى أحدهم، ولكن اسمحوا لي أن أذكر بالإضافة إلى أبي عرفات اسمين آخرين أولهما الرجل الطيب المرحوم أبو العفو إغبارية، وثانيهما البروليتاري الصادق المرحوم الحاج أبو سامي الشريديّ الذي كان يتطوع لبيع كل كتاب جديد لي ويرسل لي رسالة يفصل لي بها عدد النسخ التي باعها ومن اشتراها (كذا عمالاً وكذا موظفين وكذا معلمين الخ…) كما لا أنسى مئات الطلاب الذين درّستهم اللغة العربية في مدينة حيفا وأعتزّ بهم.

لاسم أم الفحم وقعٌ خاصّ وموسيقى خاصة وطعم خاص لا يعرفه ولا يتذوقه ولا ينتشي به من تلبّى على ماء البلدة وهوائها ورائحة ترابها وعطر زهرها البريّ وورق طيونها قدر ما يعتزّ به ويطرب له كل فلسطينيّ وطنيّ في ربوع الوطن وفي الشتات، فلا حدث وطنيّ ولا مناسبة وطنيّة منذ العام 1936 مروراً بالأعوام 1948 و 1958 و 1976 و 1982 و 1987 حتى اليوم إلا والفحماويون يتصدّرون المشهد الوطنيّ النضاليّ فلا عجب أن رسم وكتب الفنان الشهيد ناجي العلي: اسمي الحركيّ أم الفحم.

منذ طفولتي أحببتُ اللغة العربيّة، هذه اللغة الغنيّة الموسيقيّة، الساحرة، لغة القرآن الكريم وما زلتُ حتى اليوم أخوض عبابها وأنهل من نبعها وأشعر أنني لا أستطيع أن أقول: أنام ملء جفوني عن شواردها. أحببتُ وطني وعشقت سهوله وجباله، ووديانه وينابيعه، وأعشابه وشجره وحجره، وشوكه وورده. وأحببتُ شعبي فلا شعب على وجه البسيطة أفضل من شعبي كما أن شعبي ليس بأفضل من أيّ شعب آخر.

أنا لستُ إقليمياً ولو لم تكن ميعار مهجّرة ما ذكرتُ بأنني ميعاريّ فأنا ابن هذا الشعب، ابن كابول وأم الفحم والناصرة وسخنين والجش وراهط ورام الله وخان يونس… وابن المخيّم.

أكتب لأحارب الظلم والاحتلال والعنصريّة والحرب واليأس والتخلّف العربيّ.

أكتب لأناصر الفقراء والأسرى والمُستغَلين ولأزرع بسمة على وجه طفل وأغرس شتلة أمل في قلب شابّة وشابّ ولأسقي نبتة المحبة بين الناس.

أكتب ليعود عائد الميعاريّ إلى بلدته ويرجع الصفوريّ إلى قسطله ويؤوب اللجونيّ إلى ينبوعه.

الكتابة رسالة صعبة وثقيلة ثقيلة ثقيلة، وقد اخترتُ عن طيب خاطر هذا الدرب الصعب المليء بالشوك وبالحجارة، وحملتُ على كتفيّ صخرة حطين، وفي راحتيّ تراب المرج، ولو وهبوني جبال الألب وسويسرا معاً، وضفتيّ الدانوب أزهاراً وأشجاراً، ومياه الكوثر والحور العين يسقينني براحاتهنّ الناعمة لصحتُ من أعماق صدري:

                             آه ما أجملك يا وطني،

                             آه ما أعظمك يا شعبي

                                                             محمد علي طه

 

الاتاحة נגישות