مع دقات عقارب الساعة الرابعة عصراً اليوم كانت الجماهير تتوافد إلى مبنى المركز الجماهيري – أم الفحم لتكون على موعد مع ندوة حوارية راقية بعنوان: “دور الأعضاء العرب في الكنيست” ولتلتقي مختلف التوجهات والأطياف في أجمل صورة حضارية مضيئة وناصعة تجتمع على مبادئ الحوار وإحترام الرأي والنقاش الموضوعي الهادف.
إستقبلت وفود الحاضرين أصوات ندية تصدح من مجموعة أعضاء جوقة الجماهيري التي ملئت فضاء المكان بالأناشيد الوطنية والتراثية الفلسطينية لتكون رمزاً للوحدة والتعاون من أجل بناء مستقبل أفضل لأبنائنا، فوقف الحضور جميعاً مردداً كلمات النشيد الوطني الفلسطيني إعتزازاً بإنتمائهم وهويتهم الفلسطينية العربية.
ومع بداية الحفل صعدت إلى الخشبة الطالبة أيلول أبو عبيد، عضوة مجلس الطلاب والتي إستلمت مقاليد إدارة وعرافة الحفل حيث أبدعت في أدائها المتميز وفي إختيار كلماتها المعبرة حيث نثرت باقات الورود والعبير وأرسلتها تحية لكل فلسطيني الداخل والخارج معبرة عن إعتزازنا الدائم بهويتنا وثقافة ووجودنا، فرحبت بالحضور مستهلة برنامج الندوة.
وفي كلمة الإفتتاحية ألقاها السيد محمد صالح إغبارية – مدير المركز الجماهيري الذي رحب بجميع الحضور وشكر لهم تلبية هذه الدعوة الأمر الذي يدل على مدى إهتمامنا بقضيتنا لحماية هويتنا ووجودنا، وشدد على أهمية تذويت العمل السياسي من خلال تنشئه إجتماعية لأجيالنا تنتج لنا جيل واع ومهتم بقضاياه ويملك المبادرة لكي يكون قادر على أخذ دوره في المطالبة بحقوقه، وتذويت مبدأ إحترام التوجهات والآراء المختلفة التي تعمل هي أيضاً لنفس الهدف وأن نتقن فن العمل في المساحات المشتركة لنا جميعاً ونترك نقاط الخلاف لنعالجها بمناسبات اخرى بالحوار البناء والهادف.
كما وشكر السيد محمد صالح إغبارية وحدة الشباب التابعة للمركز الجماهيري واعضاء مجلس الطلاب والتداخل الاجتماعي والقيادات الشبابية، على تنظيم هذه الندوة وحثهم على الإستمرار بتفاعلهم مع قضيتهم وقضية شعبهم من خلال العمل السياسي والنشاط الإجتماعي الذي ينهض بالمجتمع الفلسطيني بالداخل.
ثم كان إفتتاح الندوة الحوارية بدعوة كل من: السيدة نيفين أبو رحمون، السيد أحمد مهنا، السيد تيسير محاميد والدكتور يوسف تيسير جبارين للصعود للمنصة ليبدأ الحوار حول موضوع “دور الأعضاء العرب في الكنيست” والذي أداره الإعلامي محمود توفيق محاميد، فقدم في البداية ملخصاً مختصراً دقيقاً حول أهم النقاط المتفق عليها والمختلف عليها حول موضوع وجوب مشاركة العرب في إنتخابات الكنيست، ثم قام السيد سليمان كساب محاميد بعرض نتائج الإستطلاع الذي أجراه المركز الجماهيري – أم الفحم تحت إشرافه والذي ضم ثلاثة عينات: عينة محلية لسكان مدينة أم الفحم، عينة ثانية من جميع القرى والمدن العربية، والعينة من الشبيبة الذين لم يبلغوا سن الـ 18 واللذين سيصوتوا إعتباراً من الإنتخابات القادمة، وقد أظهرت نتائج الإستطلاع التوقع بحصول القائمة المشتركة على 13 مقعداً في الكنيست في ظل تردد ومقاطعة ما نسبته 40 بالمئة من أصحاب حق التصويت للكنيست.
ثم تمت مناقشة أولى نتائج هذا الإستطلاع التي أشارت إلى أن نسبة المترددين والمقاطعين للإنتخابات كانت حوالي 40% من عموم أصحاب حق التصويت.
وإستهل الضيوف في بداية الندوة الحوارية بشكر المركز الجماهيري والثناء على الجهد الكبير الذي يبذله المركز في تسليط الضؤ على القضايا التي تهم المواطن، وشكروا طاقم المركز الجماهيري عامة والسيد محمد صالح إغبارية – مدير المركز على تنظيم هذه الندوة الهامة.
وبدوره علق الدكتور يوسف جبارين على نتائج الإستطلاع بقوله: أن هذه النتائج تدعو للتفائل وخاصة أن هذه النتائج تأتي قبل بدأ الحملة الدعائية الإنتخابية للقائمة المشتركة وأردف أننا نشعر أن بعد بدأ الحملة أن التأييد الشعبي في الشارع العربي في تزايد مع إنطلاق أولى الحملات الإنتخابية وأعرب عن إيمانه أن القائمة المشتركة ستتمكن من الحصول على ما بين 14 إلى 15 مقعد وهو أمر جيد إلا أنه دعا جميع الكوادر إلى مضاعفة الجهود والعمل في سبيل تشجيع جميع المصوتين للإدلاء بصوتهم لضمان نتائج مرضية تخدم فلسطينيي الداخل سيما وأن إستطلاع الرأي الحالي يشير إلى وجود نسبة من المترددين في هذا الشأن.
وبدوره علق السيد أحمد مهنا على نتائج الإستطلاع قائلاً أن هذه الأرقام تدل على الوعي السياسي الكبير خاصة لدى شريحة الشباب الذين سيصوتون وسيشاركون في الإنتخابات بغالبيتهم، كما وعلق على المواضيع التي تهم الناخب العربي التي يقيم من خلالها الناخب عضو الكنيست بحسب ما جاء في الإستطلاع والتي يأتي على رأسها التعليم ومستوى المعيشة والأمور الوطنية التي تهم المجتمع الفلسطيني وهو أمر يدل على فهم عميق لمركبات الحفاظ على الوجود والهوية في هذه البلاد.
أما السيد تيسير سلمان محاميد فقد تطرق لموضوع نسبة التصويت، ونسبة الذين لم يقرروا بعد أو المترددين فإستهل حديثه قائلاً إن النسبة المرتفعة للمترددين والمقاطعين هي للأسف ناتجة عن عن قلة الوعي السياسي داعياً الجميع إلى أخذ دوره في المشاركة والإهتمام في قضاياه اليومية مؤكداً أنه بالنهاية الخطر يواجه الجميع سواء المشاركين أو المقاطعين، إلا أنه مع ذلك عبر عن تفاؤله عن أن نسبة التصويت ستصل إلى 70% بحسب توقعاته الشخصية.
أما السيدة نيفين أبو رحمون فقد شكرت المركز الجماهيري وجماهير مدينة أم الفحم اللذين كانوا دائماً في طليعة النضال الوطني، ودعت إلى تحدي الواقع والنهوض بالشباب من أجل جلب التغيير للأفضل، وأضافت أن نسب التصويت المنخفضة تتعلق بالتقصير من قبل ممثلي الشعب لأن شعبنا مضطهد وهناك إستياء عام من قبل الجماهير حول أداء بعض النواب العرب في الكنيست، وأيضاً إلى جانب أن هناك قوى سياسية لم تدرك للأسف حتى الآن خطورة المرحلة التي تتطلب الوحدة والتعاون والمشاركة في العمل السياسي، لأن المقاطعة والسلبية وعدم التحرك لن تخدم أي من أطياف المجتمع الفلسطيني في البلاد.
ثم تم بعد ذلك تم الإستماع لمداخلات الجمهور الذي تساءل عن المستوى الثقافي للمصوتين الذين قرروا المقاطعة فكانت الإجابة انها شبيه بالنسبة العامة ولا يوجد هناك فرق واضح بين شريحة المثقفين والمتعلمين وبين عدم المتعلمين في هذا الشأن.
كما وتساءلت إحدى الحاضرات حول ما هي خطة العمل التي تنوي الأحزاب العربية إنتهاجها خلال الأيام المتبقية للإنتخابات بهدف رفع نسبة التصويت، وتساءل البعض حول إتفاقيات فائض الأصوات، كما وعبر الكثير من الحضور عن تخوفهم من نسبة المقاطعين وتسائلوا عن الأسباب وعن طرق رفع نسبة التصويت.
وكان الرد على هذه التساؤلات من قبل الدكتور يوسف جبارين الذي أبدى تفاؤله بشكل عام لحركة الشارع المتشجعة لفكرة القائمة والمشتركة وموضوع الوحدة وأكد أنه أمام التطرف المتزايد في الدولة، وأمام العنف المستشري بالمجتمع وأمام غلاء المعيشة والهموم اليومية كان لا بد من النزول بقائمة مشتركة توحد الكل الفلسطيني في الداخل لنواجه جميعاً هذه الأخطار معاً أقوى، وصحيح أن الإنطلاقة للقائمة المشتركة إنطلقت متأخرة قليلاً إلا أن المتابعين للشارع يعرفون أن نسبة التصويت ستكون مرتفعة، والرأي العام العربي يصب في صالح الوحدة ويدعمها ونحن نتأمل خيراً كثيراً من هذا الحراك بالشارع.
كما وأكد الدكتور يوسف أنه لا توجد هناك دعوة صريحة للمقاطعة من قبل أي طرف، والجميع لهم حق التقرير بالمشاركة أو عدمها، وشدد أننا بعد الانتخابات سنكون بخدمة الجميع، ممن قاطع ومن لم يقاطع ونحن لن نترك شعبنا لقمة سائغة للمتطرفين ولن نسمح لأي طرف بالتطاول على قضايا وحقوق ووجود شعبنا في هذه البلاد، وإننا من هنا نطالب الجميع بفهم متطلبات المرحلة وأخذ دورهم الفعال في التأثير، كما وأردف إلى أننا كأعضاء عرب حتى ولو لم تسنح لنا قوتنا بالتأثير من داخل البرلمان فإنه لا زال بإمكاننا التوجه للمؤسسات الحقوقية الأوروبية بهدف دعم قضايا شعبنا إذا لم يكن هناك تجاوب من قبل البرلمان الإسرائيلي، وأضاف أنه مع ذلك يؤمن أن كتلة كبيرة في البرلمان يمكنها التأثير بشكل أقوى على الرأي العام الداخلي والخارجي، ونحن سعداء لنسب تأييد الشباب لمسيرة الوحدة ونبني على ذلك الكثير.
وفي الختام شكر جميع الضيوف المركز الجماهيري ومديره السيد محمد صالح على تنظيم هذه الندوة الحوارية القيمة، وأثنوا على مستوى التنظيم المتميز والناجح وغادر الجميع على أنغام جوقة الجماهيري التي أنشدت لهذه المناسبة بأجمل أناشيدها وأفضل ما ترنمت به حناجرهم الواعدة.
وفي حديث لنا مع السيد محمد صالح إغبارية – مدير المركز الجماهيري صرح لنا عن شعوره بالرضا لمستوى التفاعل مع الحدث ولمستوى الحوار الذي ساد أجواء الندوة، وأثنى على جميع المشاركين الذين قدموا وجهة نظرهم وأدلوا بدلوهم بأجواء ديمقراطية وحضارية تميز بها جمهورنا الفحماوي وشعبنا الفلسطيني على مدار تاريخه، فشعبنا الذي لا زال يعاني من التمييز والنزاعات يعرف كيف يحترم ويقدر الرأي الآخر وكيف نفتح الساحة أمام الجميع للمشاركة في إتخاذ القرارات التي تهم شعبنا الفلسطيني في الداخل.