حديث الرواية الفلسطينية

بقلم: اعداد كامل رزق
الاهتمام بالسياسة فكراً وعملاً يقتضي قراءة التاريخ اولاً – لان الذين لا يعرفون ما حدث قبل ان يولدوا محكوم عليهم ان يظلوا اطفالاً طول عمرهم) محمد حسنين هيكل.
نحن أمام ميزات حقيقية تنفرد فيها قضية فلسطين عن سائر القضايا السياسية المعاصرة وانا لا ازعم أنني في احاطة لكل تاريخها بتفاصيلها الاخاذة انما اقترب من الموضوع في استحياء لعلي أن اجيب على الاسئلة الثلاثة في فلسطين لمن من شعبها وما قضيتها كما انني لا ازعم اننا في مجموعة الرواية الفلسطينية او كما يحلو للدكتور شكري عراف المؤرخ البارز في تاريخ فلسطين وصاحب الدكتوراة عن عهد المماليك في عهد فلسطين وصاحب اكثر من اربعين عنوان لكتب صدرت له في الشأن الفلسطيني ان يسمي الدورة للمجموعة الفحماوية مساق الرواية الفلسطينية فهذا المساق او هذه الدورة اطار جامع يشارك فيه من كل الوان الطيف الفحماوي، نتوخى منه بناء ذاكرة جماعية تأخذ الى وحدة المعرفة والى وحدة الامال والحياة, وتنفض الغبار عن فكر فقه الطوائف.
وهنا علي ان اشير لسنا بصدد تعلم الرواية كما تكتب من جهات منحازة او ان نتوقف على تفاصيل الاحداث ابان زمانها انما قضية جرد حساب لنقاط ضوء مهمة على حقبات مهمة في تكوين الارث للتاريخ الذي يشهد من غير تزوير من هم اصحاب الارض الاصلانيون وقد يقول قائل المكتبة العربية مليئة بالمؤلفات والابحاث عن القضية الفلسطينية لضحد وتفنيد مزاعم الحركة الصهيونية التي تعود في دعواها الى اسس الفكر الديني اليهودي, وهنا واجب القول, ان الاكثرية من المؤرخين والكتاب العرب انصرفوا في الكتابة نحو فلسطين المعاصرة. فقد استحوذت شؤون النضال ضد الصهيونية والاطلاع على بروتوكولات الحرب وتاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية مقابل انهيار دول وقيام حركات تحرر وطنية وتغلغل ونفاذ فكر الحركة الصهيونية حول يهود العالم, ومساندة دول عظمى للمشروع الصهيوني استحوذ كل هذا الى انصراف الاغلبية العظمى من المؤلفين الى التاريخ المعاصر.
ومما زاد لدينا شجاعة الاقدام على هذا المشروع وتقديرنا في اللقاء الاول ان الموضوع له شأن وإهتمام في نفوس العديد من شرائح مجتمعنا , والاحساس بضرورة زيادة الوعي عن قضيتنا. ولعل هذه النقلة النوعية ان تأخذ بالاخرين خاصة المدن الكبرى لوجود اعداد كبيرة من المتقاعدين قد تأخذهم الفكرة لاغلبية المدن وحيوية امتلاكها لتكون نبراساً يضيء للاخرين عتمة الكهف التي كانت من نصيبنا منذ قيام الدولة العبرية, وقد يكون سبب اخر هو جهلنا لتاريخنا زاد في نكباتنا وخلعنا من ماضينا لحقب من الزمان كان لنا فيها عطاء وكانت لدينا قيم وطبعنا صيحة الحرية على ابواب الدول الكبيرة (وهي قول صاحب العدل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب في جملته المشهورة: “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا”) والغربة التي ابعدتنا عن التاريخ وابعدت التاريخ عنا واعتقد الاخرون اننا نسينا انفسنا الى ان جاءت حرب العام 1967 وتجمع شطري البرتقالة وعاد الينا وعينا ونشأ جيل منتصب القام لا يهاب في قول الحق لومة لائم .
ومن هنا استوحينا فكرة الإندفاع في مثقفينا يتقدمهم في علم التاريخ الاساتذة الاجلاء الدكتور شكري عراف والدكتور مصطفى كبها والدكتور جوني منصور وخليل عثامنة وجميل عرفات هذا مع الاعتراف انه في الشطر الثاني من البرتقالة كوكبة اخرى من المؤرخين يتقدمهم وليد الخالدي وعارف العارف ودكتور بيان نويهض واخرون من العالم العربي كرئيس قسم الاثار في الاردن معاوية ابراهيم والدكتور احمد سوسة ومصطفى مراد الدباغ في بلادنا فلسطين وانيس الصايغ ودكتور ماهر الشريف واخرون وطبقا لذلك ووفق اكثر من مصدر فان فلسطين وحسب جغرافيون عرب هي المنطقة الواقعة على الساحل الشرقي والبحر الابيض المتوسط في جنوب شرق اسيا وعموماً فهي تقسم لاربعة مناطق وهي من الغرب الى الشرق السهل الساحلي , التلال وجبال الخليل , وادي الاردن ومنطقة الغرور وفي اقصى الجنوب صحراء النقب وتتراوح الارتفاعات فيها من 395 قدم تحت مستوى البحر على شواطئ البحر الميت وهي الاقل انخفاضا على سطح الارض الى 1020 قدم الى الاعلى في قمم الجليل والخليل وتمتلك فلسطين عدة مناطق خصبة وامدادات المياه ليست بالوفيرة ونهر الاردن هو النهر الوحيد يتدفق جنوبا نحو بحيرة طبريا ذات المياه العذبة الى البحر الميت الشديد الملوحة ومن خزان التاريخ تعلمنا ان العرب الكنعانيون اول السكان المعروفين لفلسطين وهي من اقدم المناطق الحضارية في العالم وحسب الاكتشافات الاثرية الحديثة فهي اول ارض شهدت تحول الانسان الى حياة الاستقرار والعمل بالزراعة منذ 9000 سنة قبل الميلاد واقدم مدينة انشأت على ارض فلسطين مدينة اريحا (حوالي 8000 سنة قبل الميلاد وما زالت معمورة باهلنا حتى الان).
واقدم شعب معروف سكن فلسطين وطبعها بطابعه هم الكنعانيون وقوما اخرين يسمون بالاموريين وهم عبارة عن قبائل عربية هاجرت من شبه الجزيرة العربية واستقرت في الشام وفلسطين واجمع على ذلك المؤرخين الشرقيين والغربيين ولم يكن لليهود ذكر في هذا التاريخ. وعرفت اول امر بأسم ارض كنعان وشعب فلسطين الحالي هم سلائل الكنعانيين وما اختلق بهم من شعوب شرق البحر المتوسط وهذا ما سنكتب عنه في مقال قادم.
ومن الجدير بالذكر أن ورشات في حفظ الذاكرة والرواية الفلسطينية يحتضنها المركز الجماهيري – بلدية أم الفحم حيث حيث يشارك في المجموعة مثقفون وباحثون ومهتمون بهذا الشأن من أبناء مدينة أم الفحم، حيث سيقوم أعضاء المجموعة إلى القيام بهدة فعاليات تهدف لرفع الوعي بالقضية الفلسطينية، واحد هذه الأساليب هي نشر مواد توعوية في الصحف والمواقع الإلكترونية.