حديث الرواية الفلسطينية 5 – وعد بلفور والعروس الجميلة

اعداد : الحاج كامل رزق – عضو مجموعة الرواية الفلسطينية بالمركز الجماهيري
اليوم 2/11/2015 حلت الذكرى ال 98 عام على إصدار وعد بلفور الذي ينص على إعطاء وطن قومي للحركة الصهيونية على ارض فلسطين, وتدافعت بيَ الخواطر للكتابة عن هذا الوعد الذي اضحى بفضله دولة لشعب بلا وطن لوطن لهُ شعب تتناوله ويلات الهجرة بأراضي الشتات سواء كان في الوطن العربي او في اماكن اخرى في بقاع الارض, ناهيكم عن الاحتلال الجاثم على البقية الباقية من الفلسطينين الذين لم تذروهم رياح الهجرة بعيداً عن الوطن, يناضلون بحجارة من سجيل دون طائل ودون رحمة من الاحتلال مخالفين بذلك كل شرائع الحق والعدل التي ارست نظامها مؤسسات حقوق الانسان والمؤسسات الدولية.
ما هي الظروف التي سبقت اصدار الوعد الذي صاغهُ وزير خارجية بريطانيا اللورد “آرثر بلفور” وقدمه الى زعيم اليهود (الإنجليزي) وراعي المنظمة الصهيونية اللورد جيمس روتشيلد وهذا هو نص الوعد، فهل من ثقوب في الثوب الاسود؟
ان نص الوعد بسيطاً وصريحاً وكان على النحو التالي:
وزارة الخارجية البرطانية 2/11/1917
عزيزي اللورد روتشيلد :
انه من دواعي سروري الكبير ان انقل اليكم بإسم حكومة صاحب الجلالة الاعلان التالي عن التعاطف مع الاماني اليهودية والصهيونية الذي تم عرضه واقراره بواسطة مجلس الوزراء ونصه كما يلي (إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعطفٍ الى انشاء وطن قومي للشعب اليهودي في ارض فلسطين وسوف تبذل قصارى جهدها لتسهيل تحقيق هذا الهدف. و من المفهوم ان هذا الاعلان لا يمثل تحيزً ضد الحقوق المدنية والدينية لطوائف غير يهودية موجودة في فلسطين. كما أنه لا يؤثر على الاوضاع القانونية أو السياسية التي يتمتع بها اليهود في البلاد الاخرى وسأكون شاكراً لكم اذا تفضلتم وأبلغتم هذا الإعلان للاتحاد الصهيوني).
الى هنا النص الحرفي لوعد بلفور لعل ابرز ما يمكن ملاحظته وفق وثيقةٍ بريطانية تحوي محضراً لجلسة مجلس الوزراء تم فيه مناقشة وعد بلفور والتمهيد الاعلامي وما جاء به وزير الحربية “اير دربي” حين ابلغ المجلس عند اقرار مناقشة الوعد الاقراري وان وفداً يهودياً على مستوىً عالً يمثل المؤتمر الصهيوني توجه لمقابلته وعرض عليه رغبة اليهود بمشاركة الحلفاء في تضحية الدم وذلك بتشكيل قوة من اليهود بإسم “الفيلق اليهودي” حتى تحارب في صفوف الحلفاء ومن ثم يكون لهم دور في تحقيق النصر.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الاولى واثناء اعداد وثائق السلام في فرساي اصرت الحركة الصهيونية على ضرورة ان يحتوى اقرار المؤتمر بأنتداب بريطانيا على فلسطين في اشارةً واضحَة كي تكون بريطانيا بإنتدابها لفلسطين عاملاً حاسماً يساهم بإنشاء الوطن القومي الموعود لليهود، وكان ذلك كله يتم ترتيبه في غياب مصر وإنشغالها بثورة 1919 بزعامة أحمد عرابي والذي كان أهم مطالب هذه الثورة هو جلاء القوات البريطانية عن مصر وإعلان إستقلالها.
من الناحية الاخرى فان بريطانيا العظمى التي تحكمت بالشرق الأوسط كله، بأقطاره وشعوبه كانت تلعبُ سياسة المكيالين بين العرب واليهود، فتارة تفلت التصريحات عن وجوب تحررهم من موبقات الخلافة التركية, وساهمت في نهوض القوميات العربية الإقليمية وبعثت احد رسلهم في الشرق (اللورد النْبي) الى وزير بريطانيا يقول فيها: “نحن لا نستطيع ان نكون اصدقاء للعرب واليهود في أنٍ واحد، وإني أقترح منح الصداقة البريطانية لليهود وحدهم, بحساب أنهم الشعب الذي سيكون صديقنا المخلص الموالي في المستقبل, ان اليهود يدينون لنا كثيراً وهم يحفظون الجميل بعكس العرب الذين سيكونون سلبيين معنا برغم خدماتنا لهم” (نهاية الإقتباس). وهكذا مضت الأيام وكان لليهود فعلاً ما أرادوا وأكثر مما كان يتصور هرتسل مؤسس فكرة دولة اليهود والتي لم يكن يخطط لها لتكون في فلسطين بالذات.
ويحكى في كتب التاريخ بان رجل باسم “ماكس نوردو” من زعماء الحركة الصهيونية ومن اصدقاء هرتسل اخذ يتأرجح بقبول وطن اخر لليهود غير فلسطين عندما ظهر بالأجواء اكثر من اقتراح لتوطين يهود العالم واقامة دولة خاصة بهم, إحدى الدول التي كانت مقترحه هي الارجنتين، واشارةٌ اخرى الى اوغاندا و اشارةٌ اخرى الى سيناء. وكان تردد نوردو يعود الى واقعة مميزة. وقد اراد المؤتمر الصهيوني ان يقنع بعض الحاخامات الأوروبيين ان يبعث باثنين منهم الى فلسطين ليريانها بالعين المجردة ثم يعودانِ ليحدثا زملائهم عنها وعن حقائق الأحوال فيها سواء بالنسبة للسكان الاصلين او بالنسبة للمستوطنين اليهود الذين في حينه لم يتجاوز عددهم بضعة آلاف. وبالفعل فان الحاخامين سافرا الى فلسطين, ولكن ما أن رأيا الواقع كان صدمة لهما، وكانت أول إشارة الى الصدمة برقيه تلقاها “ماكس نوردو” منهما وهما بعد في فلسطين يقولان فيها (أن العروس جميلة جداً وهي مستوفية لجميع الشروط لكنها متزوجة فعلاً) وفهم ماكس الاشارة على أن المقصود بها أن في فلسطين شعباً يسكنها وأنها ليست كما يقول هرتسل (ارضًا بلا شعب لشعبٍ بلا أرض) وعندما عادا الحاخامان والتقيا بماكس نوردو في فيينا. كان تقريرهما الشفوي مؤكداً لمعنى البرقية التي بعثا بها اليه من فلسطين, فقد كانت روايتهما ان هناك شعبً عربياً فلسطينياً يسكن فلسطين منذ آلاف السنين, ويزرع ارضها ويعتبرها وطنه، وهي كذلك بالفعل، وبالتالي إن اليهود الراغبين بالذهاب الى فلسطين والاستيطان فيها امامهم معركةٌ قاسية مع اصحابها الاصليين. الزوج الشرعي والحي للعروس الجميلة وكما احس كلا الحاخامين بأن تصرفات المستوطنين اليهود الذين وصلوا الى فلسطين تحمل ظواهر علل نفسيه قد تزيد مع الايام ومن المحتم انها ستزيد ذلك وأن المستوطن اليهودي لكي يربح ضميره ولكي يستطيعَ مواصلة حياته بالأرض الموعودة, يتحتم علية انكار وجود الاخر. (أي الفلسطيني ) بمثل ما يمكن تصوره من رغبة عاشق لزوجة رجل اخر في الخلاص من زوجها الى درجة قتله لكي ينتهي منه جسداً وروحاً وذكراً.
الم اقل لكم روايتنا صح ونحن الاوئل على أديم هذه الارض، واه من الانجليز والفرنسين وأعمالهم آن ذاك.

بحاجة لمساعدة او استفسار؟

الاتاحة נגישות